تسجيل بورصة الكويت لارتفاعات تعتبر الأعلى عالمياً في شهر يناير الماضي يعتبر مؤشر على عودة الروح للسوق، و يعزز ثقة المستثمرين و يعطي الأمل بتعافي القطاع المالي، لكن في نفس الوقت ينبغي الحذر و عدم المبالغة في تفسير هذا الصعود على أنه علامة إيجابية للاقتصاد الكويتي
فيجب أن لا ننسى أن هذه الارتفاعات القياسية لم يصحبها خلق أي فرصة وظيفية أو استثمار مالي حقيقي و لا حتى الوعد بمشاريع مستقبلية، و خصوصاً أن نمو الاستثمارات و تقلص البطالة هما المؤشران الحقيقيان لقياس نمو أي اقتصاد
مما لا يخفي علي الجميع ان الاعتماد الكلي بالتوظيف يستند على القطاع الحكومي، و حجم القوى العاملة في القطاع الخاص لا يقارن في القطاع الحكومي، و إن القطاع الخاص بكافة أنواعه من شركات مدرجة و غير مدرجة و مؤسسات فردية يوظف فقط ١٣٪ من القوى العاملة الكويتية المسجلة في سوق العمل حسب اخر أخصائية من الادارة المركزية للإحصاء، و مما يزيد الآمر سوء آن القطاع الخاص يعتمد بشكل رئيسي علي العمالة الأجنبية و حسب أحد الدراسات من مجلس الأمة يمثل الكويتيين نسبة لا تتجاوز ١.٣٪ من العاملين فيه
و إن سلّمنا جدلاً بتعافي الشركات المدرجة جميعها (مجرد مبالغة ليتضح الهدف) يجب أن لا ننسى بأن الشركات المدرجة لا تمثل إلا شريحة صغيرة من القطاع الخاص، و التي ترتكز في غالبها على القطاع المالي، و ما يرتبط فيه في ظل غياب و تحفظ كبرى الشركات التي ترتبط ارتباط وثيق بالمؤشرات الاقتصادية التي تفسر الوضع الحقيقي للمجتمع الكويتي عن إدراج أسهمها في بورصة الكويت
فعلى سبيل المثال شركة إيكويت للبتروكيماويات التي تعتبر أكبر شركة منتجة في الناتج القومي الكويتي غير النفطي هي شركة غير مدرجة و غيرها الكثير من المصانع والشركات، بالإضافة الي كبرى الشركات في قطاع التجزئة (مثل: الشايع و علي عبدالوهاب) و الكهربائيات و الإلكترونيات (الملا و الغانم) و كذلك كل وكالات السيارات و غيرها من المعدات و منتجات الألبان و قطاع الأغذية و المشروبات و غيرها الكثير من الشركات غير المدرجة التي لا يمكن حصرها بهذا المقال
ناهيك عن غياب أغلب الشركات المختصة في المناقصات الحكومية و النفطية، بالإضافة انه لا يوجد تثميل حقيقي لقطاع المشاريع الصغيرة لا من خلال البورصة او أقسام الاستثمار المباشر في شركاتها، و لا حتى صناديق الشركات الاستثمارية
حتى في ظل وجود قطاع كامل للشركات العقارية في البورصة يظل أهل العقار يفضلون الاستثمار خارج أسوار البورصة عن طريق محافظهم و مؤسساتهم الفردية التي يفوق حجم الكثير منها حجم بعض الشركات العقارية المدرجة، لذلك لا يعطي القطاع العقاري في بورصة الكويت انعكاس حقيقي لوضع العقار الكويتي، ناهيك عن قطاع الخدمات التي لازال محتكر في يد الحكومة من محطات وقود و ناقلات نفط الى مطاحن الدقيق و مرافق عمومية و نقل عام و مشروعات سياحية.
باختصار مؤشرات بورصة الكويت تمثل جزء لا يتجزأ من الاقتصاد الكويتي، لكنها تظل جزءاً صغيراً وتحتاج للرعاية والاهتمام وتسليط الضوء عليها لتستمر عملية التعافي و النمو بالشكل الصحيح، ليعم نفعها للمجتمع الكويتي و اقتصاده بشكل عام و ليس لمجموعة من المضاربين، و الأمل الحقيقي بإصلاح الاقتصاد المحلي يبدأ بالنظر أبعد و خارج أسوار بورصة الكويت